تنص المادة 11 من الدستور اللبناني على أن اللغة العربية هي اللغة الوطنية الرسمية أما اللغة الفرنسية فتحدد الأحوال التي تستعمل بها بموجب قانون. كانت الحال هي إياها في منزلنا العائلي في قبرص، نتكلم مع بعضنا البعض باللغة العربية، أما اللغات الأجنبية الأخرى فلدرس والأفلام والألعاب الإلكترونية فقط.
كانت الأولوية عند والدي أن نتقن اللغة العربية كتابة وقراءة وحديثا ومن ثم اللغات الأجنبية الأخرى. لذلك، طلب والدي من الراهبات الأنطونيات في قبرص، إنشاء مدرسة مسائية لتعليم اللغة العربية لكل اللبنانيين والعرب المقيمين في الجزيرة. لبت الراهبات الطلب وكنا انا وأخي من أوائل التلاميذ في المدرسة التي تضم أكثر من 100 تلميذ من مختلف الجنسيات العربية. الجدير بالذكر أن القبارصة وبعض الأوروبيين يتعلمون اللغة العربية في هذه المدرسة.
كنا نتعلم القواعد والإنشاء والشعر. كنت اتذمر بعض الأحيان، مثل كل الشبان الصغار الذين يفضلون اللهو على العلم. لكني اليوم أقدر مدى أهمية قرار الوالد والوالدة والجهود التي بذلتها الراهبات في تعليمي اللغة. اريد ان احيي جهود الأخت جانيت. فلولا اتقاني للغة العربية لما كنت حققت ما أنا عليه اليوم. كل الإستمارات تسأل هل اتكلم العربية، عملي في منظمة اليونسكو يتطلب الكثير من الترجمة الى اللغة العربية كما أن هذه اللغة مهمة اليوم للحصول على معلومات دقيقة عن الأحداث التي تدور في البلدان العربية.
من خلال تجربتي، انصح لكل شابة وشاب ان يتمسكوا بلغتهم العربية ويفتخروا بها، لأنها تراث وثقافة ومصدر غنى. هي اساس الكثير من النظريات، والقرآن الكريم، اهم الكتب عالمياً مكتوب بالعربية.
على سبيل الفكاهة، اتذكر عندما كنت في الثامنة من عمري أني بدأت أتكلم اللغة الفرنسية، كنت اذهب عند والديّ للتحدث معهما، فكانا يجيبانني بالعربية، فأغضب. افهم اليوم لماذا كانا يفعلان ذلك.
تمسكوا باللغة العربية، افتخروا بها! اللغة العربية هويتنا، ثقافتنا ومصدر اعتزازنا.