عامي الثالث بعد الأربعين ولم أعرف بعد سر الكون!
للكون العديد من الأسرار. يقولون أن الله يعلمها كلها أو أنه أنشأها هو لحكمةٍ يعلمها وحده ولا يريد إخبارنا بها بعد!
اليوم اجلس في مصحة عقلية. هناك شيء ما في دماغي… أو على الأقل هكذا قال الطبيب.
سألته مرة إن كانت دول عدم الإنحياز منحازة لعدم الإنحياز فضحك.
حديثي مع الطبيب هو ما يشعرني بالفرحة. لا أجد نفسي بين المجانين ولكنهم وضعوني هنا بعد محاولاتي الفاشلة في الانتحار.
أرتاح للطبيب هذا ليس بسبب جنوني ومعرفته بطريقة التعامل معه بل لأنني أراه طبيعيًّا بين “قرطة هالمجانين” .. عندما يأتي لرؤيتي أتخيّلني أجالسه في الحمرا، أحادثه عن أشياء لا يعرفها هو ولم يفكر بها يومًا… هنا يتسنّى لي معرفة العديد من المعلومات التي لا تساعدنا في شيء، هذا لأنه يتسنّى لي الوقت الكافي لمعالجة مسائل عديدة. صحيحٌ أنّني هنا لا أمتلك العقل ولكنني أمتلك الوقت وهذا الأهم.
أحاول أن أتذكّر مرحلة دراستي الجامعية ولكنني صرت أشك بمصداقيتي مع نفسي فأنا أتوهّم العديد من الأمور أغلبها منطقيّ ومعقول فأصدقه! ولمَ لا ؟ تقول الممرضة أنه عليّ تناول الأدوية في الوقت المحدّد وأنا أقول بأن الأدوية لا نفع لها فأنا مجنون وما عساي أن أقول غير ذلك ؟
مع الوقت صرت أتصرّف كالمجانين فأرتاح لي زملائي هنا وباتوا يتقبّلونني أكثر… فوكو كان على حق!
الملابس تحدّ من حركتنا وإطالة النظر في الشيء تجعلنا نتخيله على غير ما هو.. فأطيل النظر إلى ملابسي علّها تبدو مريحة أكثر.
الدجاجة تملك جناحين وهي قادرة على الطيران ولكنها لا تفعل !
الصعود لا يكون إلا إلى الأعلى والهبوط لا يكون إلا إلى الأسفل.
وابن خلدون والده خلدون ولكن ابن يوسف هو الله . الله خلقنا على صورته ولكن صورنا تختلف بين أبيض وأسود وأصفر وأبرص، بين عاقل ومجنون، بين معتل وصحيح،… فأيّهم صورته الحقيقية ؟
شربت علبتين تبغ ونصف العلبة وبعدها قرّرت أن أقلع عن التدخين.
حادثت الشجرة فلم تجب أمّا العصفور فقد بدأ هو الحوار.
تناولت أدويتي بعد الغذاء الصباحي. تنوّعت ألوان الحبوب فشكّلت صيغة جديدة للعيش المشترك.
تنطلق صفّارات الإنذار…
أحدهم هرب !
حتى المجانين يسعون للحرية.
ما من شيء يُسمّى الظلام فهناك غيابٌ للنور.
الرابعة وحتى السادسة مساء يوم الأحد هو موعد الزيارات.
أتى ولدي وقال أنه يوم عيد ميلاده…
مجنون هو الآخر!
ماذا يتوقع مني ؟